الاثنين، 13 أبريل 2015

تفشي ظاهرة الأمهات الصغيرات العازبات في المجتمع الفرنسي

 أنجبن أطفالاً وأعمارهن تتراوح بين 13 و18 عاما

تفشي ظاهرة الأمهات الصغيرات العازبات في المجتمع الفرنسي



يرى الكثير من المراقبين ان هناك تناميا مقلقا لظاهرة الأمهات الصغيرات العازبات التي تتراوح أعمارهن ما بين 13 و18 عاما. في مثل هذا العمر من المفروض ان تكون الفتاة في مقاعد الدراسة ووجود طفل او طفلة لها قد يعيق تكوينها الدراسي او يضعفه كما تترتب على نمو هذه الظاهرة متغيرات اجتماعية وتربوية واقتصادية وثقافية، البعض يدق ناقوس الخطر مطالبا بضرورة دراسة الظاهرة وتأثيراتها وسرعة البحث عن حلول علمية وعملية للحد منها وعلى الإعلام القيام بواجبة في التعاون مع الهيئات التربوية والاجتماعية والصحية وان لا يظل يغرد خارج السراب او يساهم في تنمية ونشر الظاهرة. نتوقف في هذا التحقيق لمحاولة التعرف على الظاهرة والاستماع لشهادات حية من الواقع ثم مناقشة الموضوع مع مختصين في هيئات تربوية واجتماعية لمعرفة آرائهم وهل من حلول؟

لورا ـــ 18عاما تدفع بصعوبة عربة طفلها الرضيع عمره 6 أشهر، تركض وراء الحافلة ولا تتمكن من اللحاق بها تتحدث وهي متوترة قائلة: «هجرت مقاعد الدراسة منذ ظهور بوادر الحمل كون مرحلته كانت متعبة وتحتاج لمراجعات كثيرة لدى الطبيب كون عمري كان أقل من 17 سنة. لم أكن مخططة كي أصبح أما وأن يكون لديّ طفل، وبعد اكتشافي للحمل اصبت بارتباك وكان رفيقي والد الطفل تركني وذهب مع اخرى فقررت الاحتفاظ بالجنين لعل رفيقي الذي أحببته بجنون ـــ يعود لي ولابنه ونعيش كعائلة صغيرة… لحسن حظي وجدت دعما قليلا من عائلتي. حياتي تغيرت كثيرا وغالبا ما أبكي وتوجهني ظروف نفسية واقتصادية عديدة وأصبح من الصعب إكمال الدراسة لذلك سأضطر لدخول معهد صغير لتعلم مهنة والبحث عن عمل… تبخرت الاحلام. أعيش واقعا صعبا ونادرا ما أجد فرصة للتمتع بحياتي كشابة مراهقة صغيرة تخرج مع صديقاتها للرقص والمرح».

سيلين ــ 15 عاما، جاءت إلى مدرستها تحمل طفلتها الصغيرة فتسارعت زميلاتها بالتقاط صور معها ومداعبة الرضيعة ثم تحدثت لنا وقالت: «سأضطر لمتابعة الدراسة من البيت لحسن حظي وجدت دعم رفيقاتي وسوف يساعدنني في الدروس. بالتأكيد لست حرة حاليا لدي طفلة وأعيش مع اهلي ورفيقي والد الطفلة يزورني اهله دائما لكننا لا نستطيع تكوين عائلة فهو ايضا طالب بالثانوية، والقانون لا يسمح لنا بالزواج. حاليا نأخذ الحيطة عند ممارسة الحب فستكون كارثة أن أنجب طفلا ثانيا… كثيرا ما أزعج امي وأطرق بابها ليلا. عندما أجد مشكلة احاول التأقلم وتعلم فنون الأمومة كي لا أزعج أحدا كون أمي لديها رفيقها وحياتها الخاصة».

ماري ابنة 14عاماـــ حامل في الشهر السادس تجلس على مقعد بساحة مدرستها الاعدادية تراقب زملاءها يركضون ويلعبون في حصة الرياضة تقول في حسرة: «كنت مثل هؤلاء اركض في مرح قبل عدة أشهر ثم اكتشفت أنني حامل في وقت متأخر وكان في الاجهاض مخاطرة على حياتي وامي رفضت العملية ثم انفصلت عن ابي بسبب خلافات حولي وتأسفت لخراب بيتنا. كنت طائشة لا أعرف من يكون اب ابنتي التي ستولد بعد اسابيع كوني كنت سهرت مع شلة وشربت حد الثمالة ومارست الجنس مع أكثر من شاب من رفاقي الذين في سني وأكبر قليلا. لن يعترف بالطفل أحد وسيحمل اسم عائلة أمي. سأضطر لدخول قسم رعاية الحوامل كي أظل تحت المراقبة الطبية وستولد طفلتي في نهاية الشهر السابع من الحمل. يا له من قدر، هكذا بسرعة حدث كل شيء، لا أدري كيف ستكون المرحلة المقبلة؟ هناك خطورة على حياتي وحياة الجنين ما أتمناه أن تمرّ هذه المرحلة بسلامة».

نختم سماع شهادات مع ليندي، 16 عاما، وهي من أصول مغاربية حيث تحدثت لإذاعة محلية خصصت خبرا ومساحة لقصتها وجاء في شهادتها: – «اضطررت للإجهاض لأسباب عائلية وحتى لا يقال في الحي إنني حملت سفاحا حسب تعبير والدي. كان خبر اكتشافي للحمل اشبه بزلزال مدمر ضرب البيت. امي مسكينة تبكي الى الآن. يتهمها ابي بأنها فشلت في تربيتي. انا كغيري كثيرات من هذا الحي فقدت عذريتي وكان لي قصص مع رفاق وعلاقات وكنت حريصة على الممارسة مع واقي الحمل ويبدو ان رفيقي اشترى واقيا مقلدا.

المهم حاليا لا أملك الكثير من حريتي. انتظر بلوغي سن الثامنة عشرة وبعدها سأترك البيت والحي والمدينة للبحث عن مستقبل بعيدا عن هنا. ارى نظرات الناس لي ساخرة وقبيحة وهؤلاء لو تمعنوا في حقيقة بناتهم وابنائهم سيكتشفون كوارث».

في المركز الاجتماعي بمنطقة كالفادوس التقينا بالسيدة صوفيا وهي أم لفتاة عمرها 17 عاما تقول الام: «انا مطلقة منذ 6 سنوات وعاطلة عن العمل. ابنتي حبلى ورفيقها تركها ولا نعلم عنه شيئا وهي توقفت عن الدراسة. ننتظر المختصة الاجتماعية لتتابع معنا المعاملات وكيفية الحصول على مساعدات ومسكن اجتماعي. لم أكن احبذ لابنتي هذا المستقبل فهي ستتعثر دراسيا وقد لا تستطيع المواصلة. سيكون لديها طفلة وهموم وواجبات. المساعدات بحدود 600 الى 700 يورو ولكن هذا لا يؤمن حياة مرفهة هي ستفقد المرح والاستمتاع بالحياة كمراهقة هناك مسؤوليات ستحاصرها عليها دخول مركز تأهيل لكسب حرفة والبحث عن عمل.

ثم نتحدث مع لوسيت وهي مشرفة تربوية بمدرسة ثانوية وهي ترى ضرورة تضافر الجهود للحد من الظاهرة وتقول: المشكلة ليست العلاقات الجنسية في سن مبكرة. بالعكس هذه ظاهرة صحية يجب تشجيعها. نحن نعقد حلقات وندوات نناقش قضايا جنسية مع طلبتنا شبابا وبنات وندعوهم للحرص في استخدام الواقي اثناء الممارسة ونوزع بعض الواقيات من حين لآخر وتوجد آلة أتوماتيكية لبيعها هنا في المدرسة بسعر زهيد ورمزي. علينا عدم الخوف من الجنس وزرع تعقيدات. فقط لابد من زيادة الوعي عبر ورش لتطوير الثقافة والخبرة الجنسية للجيل المراهق.

اما الدكتور نويل وهو أخصائي نفسي فيرى ضرورة المتابعة النفسـية مع مختـص منذ اكتشـاف حمـل القاصـر كون كل حالـة تختـلف عـن الأخـرى والإـسراع بعمليـة اجهـاض دون الخضـوع للـدعم النفسـي فقد تكون العواقب وخيمة وقد يحدث صدمة عنيفة تدمر نفسية البنت وكذا في حال اخذ قرار الاحتفاظ بالجنين لابد من متابعة وجلسات مع اخصائي نفسي، المسألة ليس مجرد متغيرات جسدية واجتماعية فالكثير من الناس يهملون العوامل النفسية فتكثر حالات الاكتئاب ويعجز الطبيب النفسي في العلاج او يطول لزمن وقد تصل الى الانتحار.

السيد دافيد مختص ومساعد اجتماعي يرى ان تفشي حالات الحمل لدى الصغيرات القاصرات يكثر في المناطق والأحياء الفقيرة وفي العائلات التي تعاني من التفكك او إدمان الأب أو الأم والعوائل ذات المستوى الثقافي المتدني وقد يكون لدوافع مادية ورغبة من البنت في الاستقلال عن عائلتها او الهروب من المدرسة. تقدم الدولة الفرنسية دعما ماليا وتأميناً صحياً ومسكنا اجتماعيا، وتكون المتابعة الاجتماعية لهذه الحالات باعتبارها خاصة ومستعجلة لكن تزايدها قد يحدث ارتباكا بالمستقبل فلابد بحسب وجهة نظره من وضع دراسات معمقة وخطط وتكامل التعاون بين البيت والمدرسة والمراكز الاجتماعية ونشر الوعي في صفوف الشباب والشابات بسلبيات الظاهرة وان يساند الاعلام هذا الدور

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة كلمه حره © 2015